شفط الدهون بين التجميل والصحة: ماذا تقول الحقائق الطبية؟
هل يقدّم شفط الدهون فوائد صحية تتجاوز التجميل؟
لم تعد الصحة اليوم مجرّد غياب المرض، بل أصبحت مرتبطة بجودة الحياة والقدرة على ممارستها بنشاط وراحة. ومع ازدياد معدّلات السمنة واضطرابات التمثيل الغذائي في مجتمعاتنا، بات البحث عن طرق التعامل مع الدهون الزائدة جزءاً أساسياً من النقاش الطبي والعام على حدّ سواء.
يبدأ كثيرون بالحمية الغذائية والرياضة، ويلجأ البعض إلى الأدوية أو تغيير نمط حياتهم، فيما يفكّر آخرون في الحلول الجراحية كوسيلة أسرع للتخلّص من الدهون التي تثقل أجسادهم وتؤثر على صحتهم.
هنا، يبرز سؤال متكرّر: هل يمكن لشفط الدهون أن يكون أكثر من إجراء تجميلي؟ وهل يحمل بالفعل فوائد صحيّة مثل المساعدة في حالات الكبد الدهني أو السكّري أو الوذمة الشحمية؟
في هذا المقال، نستعرض الحقائق الطبية، ونميّز بين ما يقدّمه شفط الدهون فعلاً وما يبقى خارج نطاقه العلاجي.
شفط الدهون والكبد الدهني: هل هناك علاقة؟
الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) هو حالة تتراكم فيها الدهون داخل خلايا الكبد نتيجة عوامل غالباً ما ترتبط بزيادة الوزن، قلة النشاط البدني، أو اضطرابات الأيض. وقد يظنّ البعض أن إزالة الدهون من الجسم عبر شفطها يمكن أن تعالج هذه المشكلة، لكن الحقيقة الطبية واضحة: هذا الإجراء لا يعالج الكبد الدهني مباشرة.
ادارة هذا المرض تتطلّب نهجاً متكاملاً يركّز على معالجة الأسباب الجذرية من خلال:
- اتباع نظام غذائي متوازن يقلّل من الدهون المشبّعة والسكريات المكرّرة.
- ممارسة النشاط البدني بانتظام لتحفيز حرق الدهون وتحسين التمثيل الغذائي.
- المتابعة الطبية المستمرة خصوصاً عند وجود أمراض مرافقة مثل السكّري أو ارتفاع الكوليسترول.
وبالتالي، إذا كان الهدف هو تحسين صحة الكبد، فإن الطريق الصحيح يبدأ من تعديلات سلوكية وطبية طويلة الأمد، وليس من خلال إجراء تجميلي يقتصر على نحت شكل الجسم دون معالجة السبب الأساسي.
هل جميع مرضى الكبد الدهني مرشّحون لشفط الدهون؟
ليس بالضرورة. فقرار الخضوع لشفط الدهون يعتمد على عوامل عدّة، منها مستوى تطوّر الحالة، وجود مضاعفات مرافقة، والحالة الصحية العامة للمريض. لذلك، تبقى الاستشارة الطبية المتخصّصة ضرورية لتحديد ما إذا كان الإجراء آمناً وملائماً، مع التأكيد أنه لن يحلّ المشكلة من جذورها.
شفط الدهون و الوذمة الشحمية: وسيلة فعّالة لتخفيف الأعراض
الوذمة الشحمية هي حالة مرضية مزمنة تتميّز بتراكم غير طبيعي للدهون في الساقين وأحياناً في الذراعين، مسبّبة شعوراً بالثقل والألم وصعوبة في الحركة. وعلى عكس السمنة العادية، لا تستجيب هذه الدهون بسهولة للرياضة أو الحميات الغذائية، ما يجعل التعامل معها تحدّياً كبيراً للمصابين بها.
في هذا السياق، يبرز شفط الدهون كخيار علاجي فعّال أثبتت الدراسات جدواه، إذ يمكن أن يساهم في:
- التخفيف بشكل ملحوظ من الألم والتورّم المصاحب للحالة.
- تحسين مظهر الساقين و تناسق شكل الجسم.
- استعادة القدرة الحركية وتعزيز الثقة بالنفس.
ومع ذلك، من المهم التأكيد أنّ شفط الدهون لا يُعتبر الحل الوحيد للوذمة الشحمية، بل جزء من خطة علاجية شاملة قد تتضمّن:
- ارتداء الجوارب الضاغطة.
- الخضوع للعلاج الطبيعي.
- المتابعة الطبية المنتظمة مع الأخصائيين.
وبما أنّ كل حالة تختلف عن الأخرى، فإن استشارة جرّاح تجميل متمرّس تُعدّ الخطوة الأساسية لتقييم الوضع وتحديد ما إذا كان هذا الإجراء مناسباً ضمن الخطة العلاجية.
شفط الدهون والسكري: فوائد غير مباشرة
السكّري مرض استقلابي مزمن يؤثّر في الطريقة التي يستخدم بها الجسم الغلوكوز (السكّر) كمصدر للطاقة. في الحالة الطبيعية، يساعد الانسولين الخلايا على امتصاص الجلوكوز من الدم. لكن عند الإصابة بالسكّري يحدث خلل في هذه العملية: إمّا بسبب نقص إنتاج الإنسولين (النوع الأول) أو ضعف استجابة الخلايا له رغم وجوده (النوع الثاني).
تتطلّب إدارة السكّري التزاماً طويل الأمد يشمل الحمية الغذائية، الأدوية أو الإنسولين، والمتابعة الطبية المستمرة. ومن الناحية الطبية، لا يعتبر شفط الدهون وسيلة لعلاج السكّري بحد ذاته، لأنه لا يؤثّر على الآليات المسؤولة عن حدوث المرض.
مع ذلك، يمكن أن تكون للجراحة فوائد غير مباشرة، إذ غالباً ما تمنح المرضى دافعاً أكبر للحفاظ على نتائجهم، ما يشجّعهم على:
- ممارسة الرياضة بانتظام.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
- الحفاظ على نمط حياة نشط يحسّن من استجابة الجسم للأنسولين.
هذه التغييرات السلوكية، وإن لم تكن نتيجة مباشرة للجراحة، قد تسهم بمرور الوقت في تحسين السيطرة على مستويات السكّر في الدم وتقليل خطر المضاعفات.
هل جميع مرضى السكّري مرشّحون لشفط الدهون؟
ليس بالضرورة. يعتمد القرار لدى مرضى السكّري على عوامل عدّة، أهمّها:
- درجة السيطرة على مستوى السكّر في الدم.
- وجود مضاعفات مرافقة مثل أمراض القلب أو الكلى.
- الحالة الصحية العامة للمريض.
لذلك، تُعدّ الاستشارة الطبية المسبقة أمراً أساسياً، حيث يقيّم الطبيب المختص المخاطر والفوائد قبل اتخاذ القرار المناسب.
الصحة هي الجوهر
تخيّل جسدك كمنزل: يمكنك أن تجدّد واجهته وتجعله أجمل بالألوان والزينة، لكن إن كانت أساساته ضعيفة فلن يدوم جماله طويلاً. الأمر نفسه مع شفط الدهون: فهو يحسّن المظهر الخارجي ويمنحك شعوراً أكبر بالراحة، لكنه لا يعالج جذور المشكلات الصحية كأمراض السكّري أو الكبد الدهني. لذلك، تبقى الصحة الداخلية هي الأساس، فيما تأتي الجراحة التجميلية لتكمّل الصورة.
في سيلكور، نحرص على أن تنطلق أي رحلة جمالية من قاعدة صلبة من الوعي الطبي والرعاية الصحيحة، حتى يكون التغيير جمالاً يدوم ويعكس صحة حقيقية.
استشر خبراء سيلكور، ودَع قراراتك الجمالية تُبنى على أسس صحيّة سليمة.

